Powered By Blogger

السبت، 13 سبتمبر 2014

تعز قطعة من شوق .. مدينة النجوم الحالمة

                           تــــعـــــز قطعة من شوق.. مدينة النجوم الحالمة



تتفيأ ظلال جبل صبر.. تتكئ على التلال الخضراء لسفح الجبل وتعيش بذاكرة مثخنة بالتاريخ والثقافة والإبداع.. إنها الملك المظفر وعاصمة الدولة الرسوليه ..و المدينة التي تتزين بقلائد من الانجازات والأسماء فهي الحالمة ومدينة العز ومدينة النجوم .. كما أنها عاصمة بعض أئمة اليمن خلال الفترة بين أشهر ثورتين شهدتهما اليمن الثورة الدستورية 1947م وثورة سبتمبر 1962م .. وقد قيل في المصادر (تعز قطعة من شوق ).
يرجع البعض تاريخ تأسيس المدينة إلى الأيوبيين في عهد السلطان توران شاه عام(1173م) ، ثم أخيه سيف الإسلام طغتكين- الذي اهتم كثيراً بتطوير بناء المدينة فشيد القصور وشجع على توسع البنيان وأقام البساتين.. وبعد انتقال الحكم من الأيوبيين إلى بني رسول عام 1229 م وإعلان الملك المظفر مدينة تعز عاصمة لمملكته شهدت توسعات كثيرة وازدهاراً في مختلف جوانب الحياة وشهدت المدينة عبر العصور كثيراً من الأحداث التاريخية.. ويحيط بالمدينة القديمة سور كان يبلغ ارتفاعه عند إنشائه حوالي (4 أمتار) تحيط به الأبراج وله ثمانية أبواب .. وقد أعيد بناء السور في العام 943هـ واستمر البناء مايربو على سبع سنوات وكان يتخلل السور العديد من أبراج الحراسة والقلاع الدفاعية ، وله بوابتان رئيسيتان هما الباب الكبير وباب المداجر ..
ويرصد التاريخ أن مدينة تعز كانت من المدن اليمنية التي نشأت في الفترة الإسلامية ، وكانت مدينة حربية قبل أن ينتقل إليها للسكنى من مدينة زبيد توران شاه عقب إخضاعه لليمن حوالي 570هـ ، وبالتقريب يمكن القول إن المدينة وجدت حوالي عام 1000م وفيه أعطيت الاسم الذي تحمله الآن ..
غير أن عدد من الباحثين يؤكدون أن مدينة تعز في تطورها لم تكن مجرد مدينة حربية بل هي إضافة إلى ذلك مثلت منذ نشأتها الأولى محطة تجارية ، وهي في ذلك كانت كغيرها من المدن الآسيوية التي لم تكن تنشأ إلا في الحالات التي يكون فيها الموقع مناسباً تماماً للتجارة الخارجية .
وقد حققت المدينة خلال الفترة الزاهية من تاريخ المدينة الممتدة من 1229م إلى 1454م التي كانت فيها المدينة عاصمة اليمن، تطوراً ونمواً مشهوداً وقد وصلت مساحتها إلى ما قرابته 81.5 هكتار.
وقد زار تعز الرحالة العربي الشهير ابن بطوطة عام 779هـ، 1377م في عهد الملك المجاهد الرسولي، ووصفها بأنها أحسن مدن اليمن وأعظمها.
ووصف ياقوت الحموي(ت . 1229م) مدينة تعز بقوله إنها قلعة عظيمة من قلاع اليمن المشهورات ، ووصف عدينة بأنها ربض لتعز اليمن ، وقال ابن المجاور ، الذي صنف كتابه عام 630هـ (1232-1233م) أن تعز قلعة حصينة ، وليس في جميع اليمن أسعد منه حصناً لأنه سرير الملك وحصن الملوك ، وقال إنها قلعه وضعت بين مدينتين إحداهما المغربة والثانية في لحف جبل صبر ، وقد بدت مدينة تعز للرحالة الأوربي الأول لليمن لودفيكو دي فارتيما( 1508م ) بأنها مدينة قديمة جداً ، بمسجدها الذي يذكره بكنيسة السيدة مريم المستديرة في روما وقصورها الرائعة ، وقال إنهم يصنعون فيها كميات وفيرة من ماء الورد ، كما وصف الكابتن الهولندي (بيتر فان دن بروكه)تعز (1618م) بأنه رأى فيها سته أبراج شاهقة ومساجد عديدة ووجد أنها مركز تجاري مهم ، وقد وصف نيبور أثناء رحلته التي قام بها ضمن البعثة الدنمركية (1763م) مدينة تعز بشكل مفصل من حيث موقعها عند أقدام جبل صبر ، مشيراً إلى سورها وأبراجه وأبواب المدينة وحصن القاهرة ، وقد ضمن نيبور كتابه رسماً توضيحياً للمدينة بين فيها مواقع معالمها الرئيسية حيث أشار إلى بقايا مدينتين هما : عدينة، وتقع على سفح جبل صبر ، فوق مدينة تعز مباشرة ، ولم يبق منها سوى مساجد مهدمه ، ونقل عن السكان أنها كانت مقر حكام المنطقة . والأخرى ثعبات ، وتقع على بعد نصف ميل تقريباً جنوبي شرق تعز على جبل صبر ولا تزال تشاهد ، مشيراً إلى أنه كان لا يزال يشاهد بقايا من سورها ومن مسجد كبير فيها ، لم تبق منه سوى قبة صغيرة ، كما لا تزال تشاهد فيها جدران مسجد الأحمر ، وهي مبنية بحجارة حمراء وأغرب ما فيها خط طويل كتب في أعلى الجدران ، ليس كوفياً ولا عربياً حديثاً.
قلعة المدينة:
تعد قلعة القاهرة التي تتربع على قمة الجبل الأحمر أشهر معالم المدينة حيث تعد القلعة من أكثر القلاع علوا وقد سميت بقلعة تعز الاسم الذي أصبح بعد ذلك اسما للمدينة قبل أن تتحول إلى قلعة القاهرة .. يرجع تاريخ إنشاء القلعة إلى عهد الدولة الصليحية (436هـ - 532هـ) .. حيث بناها السلطان عبدالله بن محمد الصليحي – مؤسس الدولة الصليحية ويحيط بها سور ذو بوابة عملاقة يمكن الوصول إليها من خلال طريق جبلي ملتوي .. وتتكون القلعة من عدد من المباني والقصور التي تشرف على المدينة والتي كانت سكنها عدد من ملوك الدولة الرسولية مثل الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي رسول الذي اتخذ من القلعة مقرا له .. كما اتخذها الأيوبيون مقرا لجيشهم حتى انتهى عصر الدولة الأيوبية في العام 628هـ .
وقد تم العثور على عدد من اللقى الأثرية في قلعة القاهرة ترجع إلى عصور ما قبل الإسلام ومنها تمثال من الفخار وكذلك رأس حصان يعتقد أنه كان من قطع الشطرنج ، كما تم العثور أيضاً على تمثال فخاري ومبخرتين من الطراز القتباني وخاتم يحمل عنقود العنب ، إضافة إلى النقش الذي وجد على مدخل الباب الرئيسي للقلعة ويتكون من ستة أحرف ، حورت أربعة أحرف منها إلى الخط العربي والحرفان الآخران لا يزالان على حالهما بالحرف الآرامي ، إضافة إلى الحصول على أحجار منحوتة من الجوانب مع بروز ملحوظ في المنتصف ، وهو النمط الذي شاع انتشاره في العصر الثالث للعمارة اليمنية ، إضافة إلى وجود عمود أسطواني على رأسه تاج لعله كان مستخدماً في معبد ما. وجميع هذه الشواهد لا تقبل الشك بأن قلعة القاهرة تعود إلى عصور ما قبل الإسلام ، كما عثر خلال عملية ترميم القلعه على نحو 140 قطعة من زخارف الفسيفساء ترجع في الغالب إلى العصر الأيوبي ، إضافة إلى قطع صغيره من الزجاج مزخرفة بماء الذهب.
وتشتهر تعز بالعديد من الحصون والقلاع الأخرى كحصن العروس، و حصن الدملؤة و قصر صالة،و قلعة القحيم و حصن الجاهلي و قلعة المؤيمرة . وحصن تعز.
كما تشتهر مدينة تعز بجامع الجند الذي يوجد في ضواحي المدينة ويعد الجامع من أوائل المساجد التي بنيت في اليمن بعد الإسلام حيث بناه الصحابي الجليل معاذ بن جبل في السنة السادسة للهجرة.ثم أعاد الحسين بن سلامة (317-402هـ) بناءه.. ويقال إن الحاكم الصليحي (المفضل بن أبي البركات) هو الآخر قام بأعمال إنشائية بالجامع .. وقد تعرض للهدم أيام مهدي بن علي بن مهدي الرعيني الحميري عام(558هـ) ثم أعاد الحاكم الأيوبي سيف الدين أتابك سنقر بناءه عام 575هـ مضيفاً إلى المبنى الرواق الجنوبي والرواقين الجانبيين والصحنين الواقعين بالحرم .. ويقول الدكتور
عبد الله عبد السلام الحداد أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة صنعاء في خلاصة دراسته للنصوص التأسيسية بجامع معاذ بن جبل بمدينة الجند :»
يعد جامع الجند بمحافظة تعز من أقدم جوامع العالم الإسلامي عامة وثاني جامع يبنى في اليمن بعد جامع صنعاء الذي بني في العام السابع من الهجرة النبوية، حيث بني جامع الجند في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وتحديدا في السنة العاشرة من الهجرة النبوية على يد الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم بعد عودته من غزوة تبوك لدعوة أهل اليمن وتفقيههم في أمور دينهم، فتوجه معاذ إلى مكة لأداء فريضة الحج ثم خرج منها إلى اليمن حيث وصل مدينة الجند في شهر جمادى الثانية من السنة نفسها وأسس مسجدها وتم الانتهاء من بنائه في الأول من رجب وصليت به أولى صلاة للجمعة في اليمن، ولذلك تعد الجمعة الأولى من شهر رجب عيداً من الأعياد الدينية في اليمن والتي يحتفى بها كل عام».
وعن تاريخ الاهتمام بهذا الجامع ومراحل ترميمه يضيف الدكتور الحداد:
«نظرا لأهمية الجامع الدينية فقد أسهم كل من تولى اليمن من الولاة والحكام وملوك الدول المستقلة في توسيعه وترميمه بدءا بدولة بني زياد بزبيد 204-426 هـ ، ومروراً بالدولة الصليحية بجبلة 445-532 هـ ، والدولة الأيوبية 569-626 هـ ، والدولة الرسولية 626-858 هـ ، والدولة الطاهرية 858-923 هـ ، والدولة العثمانية 945-1045 هـ ، وكذلك في عصرنا الحاضر».
و تشتهر مدينة تعز بجوامعها كجامع المظفر وجامع الأشرفية واللذين يعودان للقرن السادس الهجري كما يعدان تحفة معمارية نادرة إضافة إلى مدارسها الإسلامية العريقة كالمدرسة المظفرية والأشرفية والمعتبية والاحمدية والاتابكية. ومن المعالم الإسلامية الشهيرة في تعز كمسجد أهل الكهف و قبة الحسينية، ومسجد ابن علوان في يفرس.
غير ان من اشهر المعالم الاسلامية وأهمها جامع ومدرسة الاشرفية التي تنسب إلى الملك الأشرف إسماعيل بن العباس ؛ الذي يعد من آخر ملوك بني رسول وقد بنى المدرسة الأشرفيه في العام ( 803هـ - 1400م ) وفيها يوجد ضريحه.
كذلك تشتهر تعز بالمدرسة المظفرية التي لاتقل أهمية عن المدرسة الاشرفية وهي تسبقها من حيث الإنشاء حيث أمر ببنائها الملك المظفر) يوسف بن عمر بن رسول ، ثاني ملوك بني رسول .

تراث أصيل وعجائب طبيعية:
تجع تعز بين ميزاتها الطبيعية التي تتجلى من خلال جبل صبر المكسو بالخضرة إلى جانب تفرد أسواقها كسوق الشنيني بالعديد من الحرف التراثية الرائعة كصناعة الحلي والمجوهرات، والفضيات التقليدية، والمنسوجات اليدوية، والمصنوعات الجلدية، والأواني الفخارية والحجرية،وصناعة الحصير من أشجار النخيل.. كما تتفرد تعز بالعديد من السمات التي تنسب إليها كما هو الحال مع الشجرة النادرة التي يقال أنها لاتوجد إلا في تعز لذلك سميت شجرة الغريب وقد تحولت إلى مزار سياحي
نظرا لقدمها وغرابة شكلها لغرابة شكلها حيث يقدر عمرها بمئات السنين ، ولها جذع ضخم جداً يبلغ محيطه 35متراً وقطره 18متراً ، وارتفاعه 15 متراً ، تتفرع منه الجذور والفروع فتغطي أكثر من عشرة أمتار من كل اتجاه ، وأوراقها كبيرة الحجم في وضع متبادل مجزأة (507) وريقات رمحية إلى احليجية أو بيضاوية مقلوبة على حافتها كاملة .. وقمتها حادة وأزهارها كبيرة الحجم متدلية بيضاء إلى صفراء باهتة .. لها رائحة قوية..
ولونها يشبه لون جسم الفيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق